منتــدى أبـورقـيـقـة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مواضيع متنوعة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» مشغل الوسائط الأقوى في العالم 2.0.618.500 QQPlayerMini_Setup _ مع التعريب
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 31, 2010 10:02 pm من طرف وليد ابورقيقة

» المهاجاة_للشاعر خليفة سراب
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 12, 2010 10:53 pm من طرف sharp

» لمن يريد التعرف والمراسلة
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 02, 2010 2:37 pm من طرف المدير

» مهم جدا
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 22, 2010 1:24 am من طرف المدير

» نتيجة الشهادة الاعدادية
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالجمعة يونيو 19, 2009 11:11 pm من طرف المدير

» برنامج جلب شفرة قمر الثور
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالخميس يونيو 18, 2009 12:33 am من طرف المدير

» شفرة قمر الثور اليوم 17/6/2009
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالخميس يونيو 18, 2009 12:18 am من طرف المدير

» اغنية هدي اعصابك يارا
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 6:49 pm من طرف المدير

» اغنية هدي اعصابك يارا
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالأحد مايو 31, 2009 6:42 pm من طرف المدير

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الفهرس
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المدير - 66
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
وحيد في ظلال الذاكرة - 60
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
sharp - 34
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
abdulmnam343 - 11
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
3bdo4ever - 9
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
وليد ابورقيقة - 8
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
علي - 7
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
العبقري - 4
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
nasser - 4
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
عبدالحليم - 3
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_rcapمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Voting_barمقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Vote_lcap 
سحابة الكلمات الدلالية
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 39 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو حسين ابورقيقه فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 204 مساهمة في هذا المنتدى في 148 موضوع

 

 مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المدير
مدير
مدير
المدير


ذكر
عدد الرسائل : 66
العمر : 65
العمل/الترفيه : مهندس
المزاج : سعيد
تاريخ التسجيل : 14/09/2008

مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Empty
مُساهمةموضوع: مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة   مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 21, 2008 12:16 am


عين الرومية

إن المار عبر طريق يفرن الجبلي وهو يتتبع ذلك الطريق الملتوي صعوداً تدريجياً إلى أعلى الجبل لَيَشُد انتباهه ذلك الارتفاع الشاهق ، وذلك الصمود للجبل الذي ألتف حوله هذا الطريق ممتدا إلى رقبته وكأنه يأبى الانحناء أو الخضوع ، ولتزيد دهشته وهو ينظر متعجباً من تماسك وصلابة تلك الكتل الضخمة من الصخر المتراص في خطوط أفقية تأخذ في تصاعدها محاور عمودية ، لتكوّن قمم ذلك الجبل المتعاظم في وقفته الطويلة الأمد ، وكأنه يرفع رأسه إلى الأعلى باعتزاز الأصالة والقيم ، وكبرياء القِدم ، وشموخ الأبطال .. ، وكأنه بارتفاعه ذلك يفتخر بمحاورته للسحب دون غيره ، ربما ليحدثها عن تاريخ طويل ، عن أهازيج من الماضي ، عن أنشودة فرح ، وربما عن حَزَنٌ عميق ، فتنشر تلك السحب الأخبار ، وتتكتم عن الأسرار .
وبينما يتابع هذا المار نظراته واندهاشه وسط تلك القمم التي تزينت وتلينت قساوتها بعقودٍ منحدرة من الأشجار بانحدار وديانها ، يلتف حول كل قمة عِقدٌ مطرز فقير نظَمته شجيرات صغيرة ، وأخرى متباعدة تخالها في سنها عتيقة .
وبعد مروره بمدينة يفرن التي أخذت مكانا لها على ذلك الجبل ، متجهاً إلى الخط الجنوبي منها ، عبر الطريق الملتوي الذي يتجه إلى الطريق الرابط بين ( غريان ـ الزنتان ) على يمين هذا الطريق منخفض عميق وعلى يساره انتشرت غابة صغيرة من أشجار الصنوبر ، ترسم صفحة خضراء على خد ذلك الجبل ، وبين ثنايا تلك الكتل المتناثرة من التلال ذات التربة الصفراء ، والتي أسفر بعضها عن وجه اصفر شاحبٍ غير مزين ، وتبرج بعضها بشجيراتٍ متباعدةٍ ، فينتاب المار سكون وصمت لا يخالجه إلا الفضول بما هو آت ، حتى تتفجر أمامه صورة بديعية ، تكسر حاجز سكونه ، وتثير حواسه وشجونه ، فتسحر عيناه ، وتلجم فاه ، فتلتهب مشاعره ، وتهيج خواطره ، من قوة المنظر ، وروعة المشهد ، كأن التلال والقمم القاسية قد تباعدت عن بعضها ، باتفاق بينها ، لتترك مجال الحديث لغيرها ، فقد أحدثت شقاً في الأرض ، فانبعثت منه الحياة دفقاً ، لتبدد رائحة الموت ، إنه سيل غزير من الأشجار ، وهجوم كاسح من الاخضرار ، وقتالٍ مرير من أجل الحياة ، في مواجهة الصخور الشرسة ، والوحشية المفترسة .
فانبثقت الحياة من بين ثنايا الأرض ، وأشعلت معها الأعشاب على القشور الحجرية ، وأعلنت الانتصار ، وارتفعت راياته في سباقٍ متمثلة في أشجار من النخيل وتلاحمت الأشجار بأنواعها المختلفة وخمائلها المشتملة من صنوبر وزيتون وبطوم ونخيل ولوز ورمان ، وسرول وخروب ......في تحالفٍ عجيب واجتماع مهيب ، قاصدة الاحتفال وترك السجال ، فنثرت الأوراق من أكفافها ، وزرعت الحياة على ضفافها ، وغطت الهوة العميقة ، تستمد قوتها من الأودية العتيقة ، والعيون الدقيقة .
فالأودية معروفة ، وللعين مكشوفة ، وهي : وادٍ ينحدر من الجنوب الشرقي وبه ( عين الخبير ) وأخر من الغرب وبه ( عين أم خريزة ) والأخر من جهة الشرق وبه ( عين بن ناصر ) والرابع من جهة الشمال الشرقي وبه ما يسمى وادي ( بحير ) ووادٍ أخر صغير من الشرق تخرج منه ( عين الشباك ) ......إنها عين الرومية ... أو عين الشباك ...القاطنة بمنطقة ميدان العروبة حديثاً لربما كانت أوسع شهرة من الآن ، ولربما تناساها كثيرون حتى ممن التفوا حولها ..... عين الرومية تقع في الجماهيرية في الجبل الغربي جنوبي مدينة يفرن بحوالي ثمانية كيلومترات وتبعد شمالاً عن الطريق الرابط بين غريان ـ الزنتان حوالي 4 كيلومترات .
أما العين أو بالأحرى العيون .......فإحداها كانت قوية النبع شديدة الدفق وهي التي يرتادها الزوار والسواح إلى وقت غير بعيد ، قبل أن ينضب منهلها وتجف عروقها وتغور مياهها .
كانت هذه العين التاريخية الطبيعية تمثل مصدراً أساسياً للمياه في تلك المنطقة وما حولها إلى مسافاتٍ بعيدة ، تروي الضمأن وتغيث اللهفان ، وكانت مصدراً لبعض أنواع الخضار والفواكه ، وكانت النساء ترِد هذه العيون من كل حدبٍ وصوب ، تقطع المسافات الشاسعة مشياً على الأقدام ليجلبن الماء إلى بيوتهن في أوعية يحملنها على ظهورهن ، ليستهلكها أهل البيت في المطعم والمشرب اليومي ، بل كانت النساء تقمن عليها محافل صغيرة في يوم الغسيل على مساحات منفردة متباعدة ، ولم تكن وسائل النقل متوفرة لنقل المياه ، وكان أفضل الناس حالاً من يملك دابة ينقل عليها الماء متخطياً تلك الشعاب والدروب الوعرة ، تحت ألهبة الشمس المستعرة .
هنا كانت الأودية تجري من تحت الأرض ومن فوقها تتسابق في الوصول إلى بؤرة هي أشبه بالحوض الضخم يستقي منه الإنسان والحيوان والطير والشجر ..... هنا كان المهرجان الطبيعي لعناصر الطبيعة ، والأشعار البديعة ، هنا كانت مياه العين تجري في انسكاب هادئ بين جذوع النخيل وعلى بساط صخري ، راقصة في فرح المتحرر من أسره ، وانطلاق الطير من وكره ، ولا تكتفي هذه المياه بالسير على الأرض بل تهوي من مكانها إلى الأسفل طائرة في الهواء ملوحة إلى الصخور حولها في مسار هوائي ، ينسج خيوطا رقيقة وحبائل دقيقة ، لتربط أعلى الجبل بأسفله برابط جديد في صورة شعرية أخرى وتناغم الهي خلاق ، ... وتستقر بأسفل الجبل حيث تدحرجت أحجار ضخمة وتصدعت احقاف كبيرة ، ولا يعلم أحد سوى خالقها ومبدعها متى يأتي دورها في الانحدار والسقوط .
في الأسفل تظهر خمائل أشجار صغيرة ملتفة حول بعضها البعض أخذت نصيبها مبكرا من المياه المتجمعة . وفي منتصف الجدار الشاهق الارتفاع كانت الطيور تبني أوكارها ، والزواحف تحفر جحورها ، وعلى مسافة ليست بشاسعة في أسفل ذلك الوادي وأسفل تلك الأحجار المتصدعة ، انتظم نسيج صغير من المباني ليكون قرية صغيرة هي قرية ( أولاد عطية ) وكأنها تحتمي بأحضان ذلك الجبل ، وكأن الثقة متبادلة بينه وبينها منذ زمن بعيد ، فجلست في هدوء واستجمام غير مكترثة بما يسقط أو يتصدع من أحجار ضخمة ، واحقاف كبيرة .
إذا جلست في الأعلى وأنت تراقب ذلك المنظر الساحر، والجمال الباهر ، المتمثل في القرية وقليل من الشجر ، يلتف حولها الجبل ومن قبلها الحجر .....الماء المنسكب من محور طويل ، الكهوف الحجرية ، والمؤثرات الضوئية ، عوامل تشدك لزيارتها مرة أخرى ، ولوددت في نفسك لو كنت يوماً شاعراً لتصف لغيرك روعة المكان دون الحاجة إلى شاهد عيان .
و في الأعلى عندما تجلس مراقبا ومكتشفا , تلتف حولك شجيرات
( القندول ) , برائحتها الزكية ، وأزهارها الصفراء في الربيع ، وأعوادها الشوكية ، تكسو تلك الكتل الجبلية .
كما تنبعث من حولك رائحة نباتات الزعتر الجذابة ، بين المناظر الخلابة ، بألوانها البنفسجية ، إنها صديقة الإنسان ، عبر الزمان ، استعملها كدواء ، ونثر أوراقها على الغذاء ... ، وفي آخر الربيع تحتجزها جموع النحل ، لتعطي أطيب العسل . نبتة الزعتر ... احترمها الإنسان ، فاكتفى بحصد وريقاتها وأعوادها ، ولم يقتلع جذورها ، ليضمن تكاثرها ، ويسر بتواجدها .
وبين كل ثنايا المرتفعات ، نمت جموع من النباتات ، ... مثل ( السكوم ) ، وهو علاج لبعض الأمراض المعوية ، والعشبة المرة ( لحية العتود ) نبتة نادرة عرفت كعلاج لأمراض الكلى ، و(الرمت ) كعلاج للمعدة ، و(الجعدة ) كعلاج للأطفال ، و( الشيح ) و( الإكليل ) استعملا كعلاج ونكهة تضاف إلى الشاي .
والقبار والروبية والرتم والباقل ونباتات عديدة يصعب حصرها زادت في ارتباط الإنسان بهذا المكان .
ولم يكتف الإنسان بجعل هذه المنطقة صيدلية تراثية بل ادخل نباتاتها في صناعاته التقليدية ، واحتياجاته اليومية بل في استثماراته الخارجية ، فنباتات القديم التي تضفي على المكان طابعا مميزا استعملها سكان المنطقة والمناطق المجاورة في صناعة الظفيرة التي نسج منها القفة لحمل الغلال والتراب والحجارة لأغراض البناء ، و( العديلة ) التي استعملها لجمع الزرع يوم ( الحصادة ) ، و( القروز ) لحمل التمر على الإبل ،
و( الكنبوت ) لحفظ الطعام ، والبردعة لحماية ظهر الداب من الأحمال .
واستعمل أوراق نباتات ( الحلفاء ) في صناعة الحبال لسحب المياه من الآبار ، كما أن القديم كان يصنع في قوالب بآلة تسمى ( الشاطار ) ويباع في هذه المنطقة ليصدر إلى خارج البلاد ليصنع منه الورق .
أما النخيل فهو الطابع المميز للمكان ، امتدت جذوعه عمودية على الأرض في تراصف عشوائي ، وتناسق طبيعي ، تتكاثف أجزائه الخضراء في الأعلى لتعطي الظلال ، وتتباعد جذوعه في الأسفل لتترك للمكان رحبته واتساعه .
شجرة النخيل ... الصديق الوفي ، والرزق الخفي والجذع القوي ، ...شجرة النخيل ...إذا رميتها بالحجر ، رمتك بأطيب التمر ، و إذا طلبت شرابا حلو المذاق أمدتك ( باللاقبي ) ، وتزودك بالرطب ، وبرب التمر ، كأنها في يوم اصفرار عراجينها بالبلح زهورٌ ضخمة ، أكست للمكان حلةُ جديدةُ .
شجرة النخيل ...من جذوعها بنيت أسقف البيوت ، ومن سعفها وجريدها صنعت أجمل إبداعات الإنسان اليدوية .
ومن بين هذه الأشجار الرائعة ، وقفت نخلة ليست كمثيلاتها ، فسبحان الخالق الذي صورها وكونها ، إنها حقاُ لصورة نادرة التكرار ، وعجيبة ُ بين الأشجار ، إنها ثلاث نخلات بجذعٍ واحد ،واحدة ٌ مستقيمة والأخريات نبتت من وسط جذعها ، في مشهدٍ غير مألوف ، وسببٍ غير معروف ، كأنهن ثلاث أخوات أبين الافتراق ، ووقف الجذع بنخلاته الثلاث وكأنه حارسٌ للمكان ينظر إلينا ويقول : لا عجب من أمر الخلاق الذي صور هذا المكان .
وهناك قريبا من الزحف المتسارع للعمران الذي يهدد المكان ، وقفت نخلة أخرى قريبة من المسجد ، طويلة تفتخر بطولها الممتد في عنان السماء وكأنها تنافس مئذنة المسجد بارتفاعها في تحدٍ واضح بين الطبيعة وصناعة الإنسان ، أو ربما أرادت بارتفاعها أن تسمع الأذان فتشهد بوحدانية الرحمن .
كل مكان في هذه المنطقة يغريك بالجلوس فيه ، لتشاهد هذا الوادي العميق الذي كسته حلة خضراء ، مليئة بالحياة ، فإذا جلست على ارتفاع في الأعلى ، تمنيتَ النزول والجلوس في الأسفل بين النباتات الأليفة ، والظلال الكثيفة ، وإذا نزلت إلى الأسفل ، سيدور ببالك الصعود للأعلى لتراقب المنظر وسحره المبهر .
لقد تجمعت شقوق الوديان الفرعية الطويلة ، وانحدارات التلال في الأسفل ، لتكون نقاط تجمع واسعة تكونت فيها جداول ومناسيب ، في فراغات هندسية متناسقة ، وتدرج انسيابي مدهش ، يجذب العين ، ويخطف البصر ، ...
إن غلاء الطبيعة يزيد من غلاء الوطن ، .... فما أغلى وطنا به هذا الجمال الوافر ، وما اسعد إنسان يقطن هذه المواطن .
وما أروع الشاعر(1) إذ يقول :
انا من مياهك قطرة فاضت جداول من سنا
انا من ترابك ذرة ماجت مواكب من منى
انا من طيورك بلبل غنى بمجدك فاغتنى
حمل الطلاقة والبشاشة من ربوعك للدنى
كم عانقت روحي رباك وصفقت في المنحنى ؟
ثم يقــــول :
للحقل يرتجل الروائع زنبقا او سوســـنا
للعشب اثقله الندى للغصن اثقله الجنى
عاش الجمال مشردا في الارض ينشد مسكنا
حتى انكشفت له فالقى رحله وتوطنــا
واستعرض الفن الجمال فكنت انت الاحســــنا


---------------
(1)
الشاعر: ايليا ابوماضي


على احد المناسيب في أسفل هذا الوادي منطقة كانت تسمى ( الرحبة ) دلت آثارها القديمة على تواجد قديم للرومان ، فلعلهم عاصروا المكان ، في قديم الزمان ، واتخذ سكان المنطقة هذه ( الرحبة ) ليقام عليها سوق معروف ، يقضون فيه حوائجهم ، ويبيعون صناعاتهم ، ويلتمسون أغراضهم . فهنا كانت تباع الخضروات التي زرعوها على الجداول المتدرجة ، والتي أروتها مياه العيون العذبة ، وهنا تباع الصناعات التقليدية في تنافس تراثي ، وحماس مشهود .
يخبرنا الأجداد فيما يرويه عنهم الأحفاد ، أن عين الرومية كانت لها مكانة تاريخية ، وطريق إستراتيجية ، فهي معبر لحجاج بيت الله اللذين تمر قوافلهم منها إلى الساحل ، وهي طريق تجاري يمر عبره التجار من فزان إلى الساحل ، ولازالت دروبهم واضحة في ممرات على جانبي الوادي الكبير ، وكانوا ينيخون الجِمال ، ويحطون الأحمال ، تحت النخيل لينعموا بالظلال ، ويشربوا من عذوبة المياه ، فيستريحوا من التعب ، وينـزاح عنهم الهم والنَصَب .
هذه هي عين الروميّة أو عين الشباك الملاذ الأمن للمسافرين والمضيف الكريم للزائرين ، باتت تشوبها مسحة حزن ، ونحيب شجن ، ونضب العيون منذ سنوات واختفت مجاري المياه والمستنقعات ، مع قلة الأمطار ووغارة الآبار ، فمن يعيد الفرح ، ويمسح الحزن ، من يوقف زحف العمران على المكان وهل سيقف تشويه الطبيعة يوما ، كأني بتلك الأشجار التي رحبت ولا تزال ترحب به كأني بها تحذره من العبث .
ربما يأتي يوم تعود فيه الحياة لذلك الجسد المحتضر .. ومن يدري ؟ كأني بتلك النخلة التي تسمع الأذان تدخر إجابة في سرها ! .

إعداد محمد الهادي ابورقيقة


عدل سابقا من قبل المدير في الأربعاء أكتوبر 29, 2008 3:10 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aborgiga58.yoo7.com
3bdo4ever
عضو جديد
عضو جديد
3bdo4ever


ذكر
عدد الرسائل : 9
العمر : 37
العمل/الترفيه : الدراسه
تاريخ التسجيل : 21/09/2008

مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة   مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة Icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 21, 2008 3:26 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
ما شاء الله على هذه المقاله الممتعه والمشوقه فبينما تبدا بالقراءه لا تتوقف منها حتى تنهيها من روعتها ومعانيها وكأنها تغني عن الذهاب الى المكان نفسه فهي تصف المكان وصفا رائعا فتبارك الله وجزاك الله خيرا يا خال ....
وجزا الله خيرا على من نشرها وإن شاء الله أتحفنا بالمزيد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مقال بعنوان عين الرومية لمحمد الهادي ابورقيقة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اغنية سوق الجمل لموسى الهادي
» قصيدة بعنوان أتيتك
» رسمة بعنوان غزه الصامده
» قصيدة بعنوان وحيد في ظلال الذاكرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــدى أبـورقـيـقـة :: منتدى المواضيع العامة :: مقالات-
انتقل الى: